بالصور| صناعة الأقفاص من جريد النخيل مهنة أبناء قرية المحرص بالمنيا

صناعة الاقفاص
صناعة الاقفاص

حمدي عبد السميع: المهنة تحتاج إلى مجهود كبير ..حاولت تعليم الصنعة لأبنائى رفضوا لصعوبتها وفضلوا مهنا أخرى

.هانى القفاص: الصناعة تحتاج لوقت وصبر والأدوات المستخدمة تقليدية وأوشكت على الانقراض بعد صناعة وانتشار البلاستيك

 
على طول محافظة المنيا وعرضها يوجد الكثر من القفاصين، وتشتهر قرى المحرص بالمنيا عن القرى الأخرى بصناعة الأقفاص، ويعرف رجل عجوز بقرية المحرص بصناعة الأقفاص بأنواعها من جريد النخيل، ليجد الخبز لأبنائه رغم كبر سنه إلا أن العشة التي بناها على جانبي ترعة الإبراهيمية بقرية المحرص مازالت قائمة تشهد على مهنة صناعة الأقفاص المتميزة وبيعها لتجار الفواكة.

وصناعة الكراسى والطربيزات وبيعها لأصحاب المقاهى رغم أنها أوشكت على الانقراض نظرا لصناعة البلاستيكات إلا أنه مازال محتفظا بمهنته ومهنة أجداده، وتشتهر قرية «المحرص» التابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا، بصناعة الأقفاص الخشبية رغم وجود صناعة البلاستيكات، وهى قرية أهلها بسطاء ويبلغ قاطنوها حوالى 45 ألف نسمة، حيث لا يخلو منزل من منازل القرية منها إلا ويعمل فيه كبير أو صغير في هذه الحرفة، فما أن تطئ قدمك مدخل القرية إلا وتقع عيناك على أحواش كبيرة وواسعة على جانبيك تمتلئ بالأقفاص التي تم تصنيعها، وأكوام من جريد النخل، وبعض «العشش» التي يجلس بداخلها من 3 إلى 5 أشخاص يقومون بتصنيع الأقفاص، فيما تجد الأطفال يقومون بتلوين الأقفاص أو ربطها بالأسلاك لعرضها وبيعها لتجار الفاكهة.


عم حمدي عبد السميع والذي يبلغ من العمر 57 سنة، رغم كبر سنه إلا أنه مازال يمسك الساطور ويجلس داخل عشته التي بناها من الجريد علي أطراف ترعة الإبراهيمية، بين قطع الجريد ومن حوله الأقفاص التي قام بتصنيعها على مدار أيام، وينتظر المشتري حتي يتمكن من الإنفاق على أسرته.


يقول عم حمدي: «مازالت المهنة موجودة بقوة في فى محافظة المنيا وخاصة بالقرى والنجوع التى ينتشر بها أشجار النخيل، وأضاف صناعة قفص الدواجن المصنع من الجريد ثمنه 40 جنيها لكن البلاستيك ثمنه 150 جنيها، قائلا أكسب فى القطعة الواحدة من 15 إلى 20 جنيها» .

 

وأشار حمدي أن الصنعة تعتمد على الصبر والقوة، ومازلنا نصنع جميع أنواع الأقفاص «وربنا بيرزقنا» ومنها أقفاص الأسماك والطماطم والملوخية وأقفاص الدواجن والكتاكيت والأقفاص المنزلية، مثل أقفاص الخبز، وأضاف: «أحيانا نصنع من الأقفاص عششا بسيطة لأسر فقيرة لا تمتلك منزلا» وأضاف أيضا: أقوم بصناعة عشش على الترع للفلاحين بالقرب من الأراضى الزراعية الخاصة بهم، ولفت حمدي أن أسعار الأقفاص المصنعة من الجريد رخيصة جدا منها ما يباع بجنيه ومنها بـ10 جنيهات، وأنه لا توجد صعوبه في الحصول علي الجريد والذي يباع بالآلاف وثمنها 600 جنيه، استطرد قائلا: «حاولت كثيرا أن أعلم الصنعة لأبنائي إلا أنهم رفضوا التعلم وفضلوا مهنا أخري عليها، وأستيقظ في الصباح الباكر لتقشير وتقطيع الجريد لأنه في ذلك الوقت يكون لينا وقابلا للتشكيل حسب القفص، وأبدأ العمل من الساعة 6 صباحا حتي المساء، من الممكن أن أصنع 20 قفصا في ذلك الوقت، وأضاف عم حمدي «نفسي أكون أشهر وأفضل صانع أقفاص على مستوى الصعيد بالكامل» ،وأضاف: قضيت عمري كله في تلك المهنة وسعيد جدا بذلك، وقال إننى بفضل من الله أبيع جميع ما أتمكن من تصنيعه وبالحجز لأننى أبيع بالجملة والقطاعى .

ويقول «هانى سعداوى ،39 سنة» قفاص، بقرية طمبو بمركز بنى مزار بالمنيا، إن صناعة الأقفاص تحتاج إلى وقت وصبر، ويضيف: «الأدوات المستخدمة تقليدية جداً حيث لا نستخدم أياً من الآلات أو ماكينات باهظة الثمن ولا نحتاج لمصنع أو ورشة صغيرة، فكل ما نعتمد عليه هو السكين ويستخدم فى تنظيف الجريد من سعف النخيل الذى نقوم بشرائه من أصحاب أشجار النخيل، وكذلك الخرامة، والمسندة والبلطة للتكسير والتقشير، ونستطيع العمل فى أى مكان حتى لو كان فى حقل أو داخل غرفة صغيرة بالمنزل» نستطيع تصنيع كل شىء، ونقوم بشراء الجريد ثم نقوم بتنظيفه ونبدأ فى تصنيعه، قائلا نقوم بتسويق منتجاتنا لتجار الأسواق وأصحاب المقاهى الذين يعتمدون على الكراسى التربيزات الخشب.
  
يقول أشرف مجدى، صانع أقفاص بقرية ريده بالمنيا، إن هذه المهنة يدوية بنسبة 100%، ويسترزق منها عشرات الأسر التى تتفنن فى صناعة الأقفاص الصغيرة التى تستخدم فى جمع المحاصيل الزراعية، وكذلك بمزارع الدواجن، وشوادر الخضر والفاكهة، ويضيف: «ورثت هذه المهنة أباً عن جد، وأعتز بها لأنها مصدر رزقى الوحيد، وتعلمتها من والدى الذى ظل يعمل بها أكثر 25 عاماً ومن قبله جدى، وكانت صاحبة الفضل علينا والسبب فى سترنا، وأقوم بعمل العديد من المصنوعات من جريد النخيل، ولا تقتصر هذه المهنة على إنتاج الأقفاص التى تباع فيها الطيور، حيث يمكننى عمل عصا الشمسية، فلحرفتنا هذه صناعات مختلفة وكل ذلك باستخدام الجريد الأخضر والجريد اليابس، حيث نقوم بتنظيف الجريد من السعف تماماً، ويتم تقطيعه إلى أجزاء مختلفة الأطوال، وبعدها نبدأ التصنيع للزبائن بالطلب».
 
وأكد أحمد حمدان،26 سنة، صانع أقفاص، من قرية شارونة بمركز مغاغة بالمنيا، أنّهم يصنعون مئات الأقفاص يوميًا، ويتم تسليمها للتجار مساء كل يوم، بسعر  يتراوح بين «10 إلى 15 جنيها» حسب الحجم، موضحًا أنّ البيع ينتعش أكثر خلال موسم "الطماطم"، لأنها تكون كثيرة وتحتاج إلى أقفاص كثيرة، وعن مراحل تصنيع «الأقفاص»، قال أحمد إنّهم يقومون بتقطيع الجريد وتخريمه، ثم تركيبه بشكل مرتب لا يختلف عود عن الآخر، وإلا فسد "القفص" ويعاد تصنيعه من جديد، وهنا ينتهي من تجهيز القفص، ثم يخرجه في "حوش" أمام "العشة" للأطفال ليقوموا بربطه بأسلاك حديديه رفيعة جدًا، ثم يأخذها مجموعة أخرى من الأطفال، ويقومون بتلوينها بألوان معينة ثم تترك في الشمس لتجف، وبعد ذلك يتم رصها في شكل أنيق في منطقة مخصصة لرصها تشبه المعرض.
 
وقال «سيد جمعة »،44 سنة، صانع أقفاص مقيم بقرية كوم مطاى بالمنيا، لم يقتصر أهالي القرية على صناعة "الأقفاص" فقط، بل برعوا في صناعة الكراسي والمناضد والمراجيح بأحجام وأشكال مختلفة، فتستخدم إمّا في حدائق الفيلل، أو في البلكونات، أو في الحدائق المفتوحة، أو بعض الكافيهات والمقاهي، وأكد "جمعة" أن صناعة الكراسي والمناضد والمراجيح من الجريد، لها أشخاص محددون بالقرية يعملون بها لأنها أصعب من تصنيع "الأقفاص" وتحتاج إلى كميات أكبر من الجريد، ووقت أطول، ويتراوح سعر الكرسي ما بين "30 إلى 40 جنيهًا"  بحسب حجم الكرسى ،قائلا: «على رأي المثل إدي العيش لخبازه، وأنا من صغري اتعلمت أعمل الأقفاص بس متعلمتش أعمل الكراسي والترابيزات».
 
وأمام "العشة" يجلس «إياد إبراهيم» الذي لم يتجاوز "التاسعة" من عمره وأمامه عشرات الأقفاص، وبحواره عدد كبير من الأسلاك الحديدة الرفيعة، ويمسك القفص ويقوم بربطه بالأسلاك ثم يضعه بجانبه ويربط الواحد تلو الآخر وذلك لمساعدة والده القفاص ويأخذ أيضا أجرا 15 جنيها يوميًا، ولاحظنا أيضا مهاب شقيقه الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره وهو يقوم بنقل الأقفاص ورصها فوق بعضها ثم يقوم بتلوينها وتركها بالشمس لتجف قبل بيعها مقابل 15 جنيها أيضًا يوميًا.

اقرأ أيضا:

«صحة المنيا» تكثف المرور على المنشآت التعليمية